قامت الجارديان مؤخرا بنشر تقرير مطول عن الوضع المالي للدوري الإنجليزي الممتاز لموسم 2012/2013،التقرير غاية في الأهمية وهو يكشف أرباح و خسائر الأندية الإنجليزية بالإضافة إلى المديونية و الرواتب و رقم المعاملات..
أهمية التقرير هو أنه يتحدث عن الوضع المالي لموسم 2012/2013 و هو أخر موسم تدخل فيه حسابات النقل التلفزي بالعقد القديم وهو ما سيجعلنا نعطي تقييما دقيقا للوضع في الدوري الإنجليزي الممتاز في الأشهر القادمة عندما يخرج إلى الإعلام التقرير المالي الشامل لموسم 2013/2014 وهو الموسم الذي سيعرف ضخ أموال هائلة في الدوري الإنجليزي الناجمة عن العقد الجديد للنقل التلفزي.
يذكر أن العقد التلفزي القديم للدوري الإنجليزي بين 2010 و 2013 كانت قيمته 3 مليار و 500 مليون أورو، العقد الحالي و الذي يمتد ل3 سنوات بين 2013 و 2016 قيمته 5 مليار و 500 مليون أورو.
تخيل معي عزيزي القارئ بأنه بين 2013 و 2016 ستضخ في الدوري الإنجليزي 2 مليار أورو إضافية من الأموال..!
إيرادات الأندية الإنجليزية المتواجدة في الدوري الإنجليزي الممتاز حطمت كل الأرقام القياسية فقد قفزت إلى 2 مليار و 700 مليون أورو في موسم 2012/2013 و رغم ذلك فإنها تلقت خسائر قدرت ب 291 مليون باوند..!
أين تذهب هذه الأموال الطائلة التي من المفروض أن تجعل الأندية الإنجليزية تحقق الأرباح بدل الخسائر؟
بإختصار إنها أجور اللاعبين التي إستمرت في الإرتفاع موسم بعد أخر دون أن يوضع لها سقف بسبب المنافسة الشرسة في سوق الإنتقالات، حتى الأندية الصغيرة أصبحت مضطرة لرفع رواتب لاعبيها حتى تحميهم من إغراء الأندية الكبيرة.
في موسم 2012/2013 إرتفعت الرواتب بنسبة 11٪ مقارنة بموسم 2011/2012 لتصل إلى 1 مليار و 800 مليون، هل تعرفون ماذا يعني هذا؟
هذا يعني بأن 67٪ من ميزانيات الأندية الإنجليزية تذهب إلى جيوب اللاعبين..!
المفروض أن القوانين الجديدة للإتحاد الأوروبي لكرة القدم ''اللعب المالي النظيف" جاءت بالأساس للحد من ظاهرة ذهاب الأموال إلى جيوب اللاعب و أن تذهب هذه الأموال لبناء المرافق الرياضية و مراكز تكوين الشباب.
الإتحاد الأوروبي قرر بأن نسبة الأجور من ميزانيات الأندية يجب أن لا تتجاوز 60٪ ولكنها في الدوري الإنجليزي ما تزال مرتفعة و المستفيد بالطبع هو اللاعب الذي يمارس في الدوري الإنجليزي.
الأجور في إرتفاع رغم أن 12 ناديا من الدوري الإنجليزي الممتاز حققوا خسائر، 5 من هذه الأندية حققت خسائر فوق 50 مليون وهي أندية أستون فيلا و تشيلسي و ليفربول و مانشستر سيتي و كوينز بارك رينجرز).
أجور اللاعبين في إرتفاع و أيضا مديونية الأندية في إرتفاع، حيث بلغت 2 مليار و 400 مليون في موسم 2012/2013 وهي أكثر من مديونية 2011/2012 و التي بلغت 2 مليار و 200 مليون.
الناس تعتقد بأن تشيلسي لا يعرف ديونا، أحب أن أقول لك عزيزي القارئ بأن هذا الإعتقاد خاطئ فأكبر فريق مديون في إنجلترا هو تشيلسي، نادي تشيلسي مديون ب958 مليون لشركة "فوردستا ليميتد " و الذي صاحبها هو أبراموفيتش، سيتساءل البعض بأن أبراموفيتش هو أيضا مالك تشيلسي فلماذا هذا التعقيد؟
في حالة إفلاس تشيلسي فعلى من سيشتري أن يدفع أولا الديون، هو طوق نجاة لأبراموفيتش في حالة غرق السفينة.
مانشستر يونايتد هو أكبر نادي في إنجلترا مديون من البنوك ففي موسم 2012/2013 بلغت هذه المديونية 389 أورو،صحيح أنها في تقلص مستمر لكن نسبة الفوائد التي يدفعها مانشستر يونايتد (72 مليون) تثقل كاهله، و إذا أضفنا إلى كل هذا خروجهم هذا الموسم من الأربعة الكبار فإننا بالتأكيد سنتوقع لهم صيف قادم صعب بدون ال50 مليون التي يربحونها من عصبة الأبطال سنويا.
في حقيقة الأمر أموال النقل التلفزي بالعقد الجديد بالإضافة إلى عقود الرعاية الجديدة ستنقذ مانشستر يونايتد و ستجعل من أرسنال فريق قوي جدا ماديا وهذا بالتأكيد سيجعله فريق جذاب للنجوم، يبقى فقط أن نعرف كيف سيتعامل أرسين فينجر مع الوضع الجديد؟
سيقول البعض بأن الأندية تشتغل ليل نهار لكي تملأ جيوب اللاعبين بالأموال، لكن الدولة تقوم بإثقال اللاعبين بالضرائب التصاعدية، لذلك الدوري الإنجليزي ليس جذابا في شيئ.
في حقيقة الأمر الضرائب على الدخل في بريطانيا أصبحت مرتفعة مقارنة بالماضي، فحاليا كل من يتقاضى أكثر من 150 ألف باوند سنويا تقتطع الضرائب من راتبه 50٪ بدل 40٪ التي كانت في السابق، لكن رغم ذلك فإن الدوري الإنجليز لا يزال جذابا مقارنة بالدوريات الأوروبية الكبرى.
لن نقارن الدوري الإنجليزي بالدوري الإيطالي الذي يعاني من أمراض عديدة; لن نقارنه بالدوري الفرنسي والذي أقرت حكومته ضريبة 75٪ على كل من يتقاضى راتبا سنويا أعلى من مليون أورو،لكننا سنقارنه بالدوري الإسباني و الألماني وهما دوريان يعيشان أزهى فتراتهما.
في إسبانيا يوجد قانون إسمه "قانون بيكهام" هذا القانون يطبق حاليا إلا على اللاعبين الأجانب الذين يمارسون في الليغا الإسبانية قبل 01 يناير 2010، بإختصار اللاعبون الأجانب الذين يلعبون الأن في الدوري الإسباني يدفعون 24٪ من رواتبهم إذا كانوا مسجلين في إسبانيا قبل 2010 و43٪ إذا كانوا مسجلين بعد 2010.
صحيح بأن 43٪ في إسبانيا هي أقل من 50٪ في إنجلترا، لكن هناك شيئ أخر مهم و هو أنه اللاعب الأجنبي الذي يلعب في إسبانيا مجبر على أن يستثمر 85٪ من راتبه في إسبانيا أو يضع هذه النسبة من راتبه في بنك إسباني..!
في ألمانيا الضريبة على الدخل هي 47.5٪ و هي بالطبع أقل من الضريبة في إنجلترا لكن هناك شيئ إسمه الضرائب الإجتماعية وهي تمتص من راتب اللاعب 20٪ إضافية..!
بإختصار لاعب كرة القدم لن يجد أفضل من الدوري الإنجليزي ليجمع ثروة محترمة فيه و يصنع إسما كبيرا له، لأنه و بدون شك و بالرغم من الديون و الخسائر يبقى الدوري النجليزي أكبر دوري في العالم جاذبا لرؤوس الأموال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق